تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان | سورة الإنسان | 1 |
((هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ)) استفهام للتقرير حتى يقر الإنسان بهذه الحقيقة، فيرتب عليه أنه إذا لم يكن ثم كان، كان مكونه قادراً على أن يعيده بعد أن يفنى ويهلك، ((حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ))، أي زمان طويل من الأزمنة السالفة ((لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا))، أي شيئا يذكر بأن كان معدوماً لا أثر له؟ والجواب أنه نعم كان كذلك، وهل لأحد أن ينكر هذه الحقيقة. | ||
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان | سورة الإنسان | 2 |
((إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ)) هي المني، ((أَمْشَاجٍ)) جمع "مشيج" من مشجت بمعنى خلطت، أي النطفة أخلاط مختلفة من ماء الرجل وماء المرأة، ومن الأجزاء المتجمعة من المأكولات المختلفة، وإنما خلقناه لـ((نَّبْتَلِيهِ))، أي نمتحنه بما نكلفه من الأعمال: هل يحسن أم يسيء؟((فَجَعَلْنَاهُ))، أي الإنسان ((سَمِيعًا بَصِيرًا))، يسمع ويبصر ليتم عليه التكليف. | ||
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان | سورة الإنسان | 3 |
((إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ))، أي الطريق إلى الحق ببعث الأنبياء وإرسال الكتب، فـ((إِمَّا)) يكون ((شَاكِرًا)) لأنعم الله سبحانه بالإيمان والإطاعة،((وَإِمَّا)) يكون ((كَفُورًا)) كثير الكفر، فإن كل كافر هو كفور باعتبار مختلف الأزمنة والأحوال. | ||
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان | سورة الإنسان | 4 |
((إِنَّا أَعْتَدْنَا))، أي هيئنا ((لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَا)) لأن يجروا بها، جمع سلسلة وهي قطعات الحديد المتداخلة، وهي غير منصرفة لأنها على وزن مفاعل، ((وَأَغْلَالًا)) جمع غل، لأنْ يقيدوا بها ((وَسَعِيرًا))، أي ناراً مستعرة، أي ذات لهب واتقاد، والمراد تهيؤ ذلك لهم في الآخرة. | ||
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان | سورة الإنسان | 5 |
((إِنَّ الْأَبْرَارَ)) جمع بر وهو المؤمن الصالح ((يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ)) وهي القدح التي تكون فيه الخمر أو سائر أقسام المشروبات، ولعل تقديم الشراب لمناسبته مع ما تقدم من "السعير" الموجبة لطلب الإنسان الماء - مناسبة الضد للضد، ((كَانَ مِزَاجُهَا))، أي ما يمزج بشرابها((كَافُورًا)) لبرودته وعذوبته وطيب عرفه، وإتيان الضمير مؤنثاً لأن الكأس مؤنث سماعي، وقد كانت العرب تمزج الخمر بالكافور حيناً وبالزنجبيل حيناً، ولذا ذكروا أن خمر الجنة كذلك، تماشياً مع مداركهم، وإن كان هناك ما لا يشبه أطعمة الدنيا وأشربتها لذة وفضلا. | ||
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان | سورة الإنسان | 6 |
((عَيْنًا))، أي أن تلك الكأس تملأ من عين، وكأنها منصوبة على تقدير الفعل، أي نبشركم أو نهنئكم ((يَشْرَبُ بِهَا))، أي منها، والإتيان بالباء لنكتة بلاغية، ((عِبَادُ اللَّهِ)) الذين عبدوا الله وأطاعوه حق طاعته، ((يُفَجِّرُونَهَا))، أي يجرونها <يفجرونها؟؟> ويخرجونها حيث شاؤوا من منازلهم وقصورهم ((تَفْجِيرًا))، ومن المتعة أن يكون المنزل بحيث يمكن تفجير العين فيه، فإن تلهي وتلذذ. | ||
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان | سورة الإنسان | 7 |
ثم وصف عباد الله بقوله: ((يُوفُونَ بِالنَّذْرِ))، أي كانوا في الدنيا بحيث إذا نذروا نذراً وفوا به ولم يخشوا، والنذر هو أن يلتزم الإنسان على نفسه خيراً لأجله سبحانه، كأن ينذر الصيام أو الصدقة أو ما أشبه، ((وَيَخَافُونَ يَوْمًا))، أي من أهوال ذلك اليوم، وهو يوم القيامة، ((كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا))، أي منتشراً في كل جهة حتى يشمل كل كافر وآثم، وليس كشرور الدنيا التي تكون خاصة بأرض أو إنسان أو محل. | ||
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان | سورة الإنسان | 8 |
((وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ))، أي لأجل الله سبحانه وعلى حبه تعالى، أو بمعنى أنهم يحبون الطعام لجوعهم ((مِسْكِينًا)) وهو الفقير الذي أسكن الفقر حركاته، فإن الغني يتحرك هنا وهناك، أما الفقير فإنه يسكن لعدم مال له يصرفه في أموره، ((وَيَتِيمًا)) وهو الطفل الذي مات أبوه أو أبواه، وقد يطلق على من ماتت أمه، ((وَأَسِيرًا)) الذي أسر في الحرب، وقد كان أهل البيت (عليهم السلام) وفوا بالنذر وأطعموا الثلاثة - كما تقدم. | ||
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان | سورة الإنسان | 9 |
وقصدهم حين الإطعام هو ((إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ)) أيها الفقراء ((لِوَجْهِ اللَّهِ))، أي لذته سبحانه وإنما جيء بـ"الوجه" كناية عن الاتجاه والقصد تشبيهاً بوجه الإنسان الذي يتوجه الإنسان إليه حين طلب مرضاته، ((لَا نُرِيدُ مِنكُمْ)) أيها الفقراء ((جَزَاء)) لنا، كأن تعلموا بعض أعمالنا جزاء تصدقنا لكم، ((وَلَا شُكُورًا)) بأن تشكروننا ولو باللسان، وإنما الصدقة خالصة لله سبحانه، للتقرب من رضوانه. | ||
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان | سورة الإنسان | 10 |
((إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا)) لو عصيناه بأن لم نف بالنذر أو لم نطعم المسكين لوجهه ((يَوْمًا عَبُوسًا))، أي مكفهراً تعبس فيه الوجوه، ونسبت العبوس إلى اليوم من باب علاقة الحال والمحال، من قبيل "يا سارق الليلة،" ((قَمْطَرِيرًا))، أي صعباً شديداً. | ||
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان | سورة الإنسان | 11 |
((فَوَقَاهُمُ اللَّهُ))، أي حفظهم وكفاهم ((شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ))، أي يوم القيامة ((وَلَقَّاهُمْ))، أي استقبلهم وأعطاهم ((نَضْرَةً)) في الوجوه، وهي البهجة والحسن، ((وَسُرُورًا)) في القلوب. | ||
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان | سورة الإنسان | 12 |
((وَجَزَاهُم))، أي كفاهم وأعطاهم جزاء ((بِمَا صَبَرُوا))، أي بسبب صبرهم ((جَنَّةً وَحَرِيرًا)) مكاناً للسكنى ولباساً وأثاثاً. | ||
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان | سورة الإنسان | 13 |
في كال كونهم ((مُتَّكِئِينَ))، أي مستريحين ((فِيهَا))، أي في الجنة ((عَلَى الْأَرَائِكِ)) جمع أريكة، وهي سرير العروس في الحجلة، ((لَا يَرَوْنَ فِيهَا))، أي في تلك الجنة ((شَمْسًا)) تحرقهم ((وَلَا زَمْهَرِيرًا))، أي برداً يؤذيهم. | ||
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان | سورة الإنسان | 14 |
((وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا))، يعني أن ظل أشجار الجنة قريبة منهم فإن الضياء الموجود هناك وفيه شيء من الحرارة محجوب بالأشجار وحيطان القصور والسقوف، ويكون الهواء في ظلالها أهنأ وأطيب، وإنما جعل كذلك لتطلب الإنسان تغيير الهواء من الظل إلى الحر، وبالعكس و"دانية" حال عطف على "متكئين" ((وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا)) جمع قطف وهو الثمرة، ((تَذْلِيلًا))، أي سهلت أخذ ثمارها باليد لقربها ونضجها فتقطف بسرعة. | ||
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان | سورة الإنسان | 15 |
((وَيُطَافُ عَلَيْهِم))، والطائف هم الولدان المخلدون ((بِآنِيَةٍ))، أي ظرف كأنها الإبريق ونحوه مما فيه الماء ((مِّن فِضَّةٍ)) لعل فيها الشراب،((وَأَكْوَابٍ)) جمع كوب، وهو القدح الصغير، وذلك لصب الشراب من الآنية في الأكواب لتناول الأبرار، ((كَانَتْ)) تلك الأكواب((قَوَارِيرَا))، أي زجاجات. |
احمد الشريفالإثنين 05 أغسطس 2013, 9:06 pm