تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان | سورة الجن | 1 |
((قُلْ)) يا رسول الله للناس: ((أُوحِيَ إِلَيَّ))، والوحي هو الإلهام إلى رسول الله من قبله سبحانه بواسطة ملك وإلقاء في القلب بلا واسطة، ويستعمل أيضا بمعنى مطلق الإلهام كقوله: (وأوحى ربك إلى النحل) وقوله: (وأوحينا إلى أم موسى)، ((أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ))، أي استمع إلى القرآن طائفة من الجن، فإن نفر بمعنى الطائفة، والجن مخلوقة من النار - رقاق الأجسام كالهواء، لها أن تتشكل في أبدان غليظة كأبدان الإنسان، ((فَقَالُوا)) بعضهم لبعض: ((إِنَّا سَمِعْنَا)) من الرسول ((قُرْآنًا عَجَبًا))، أي ما يدعوا للتعجب، لأنه بأسلوب غريب في لفظه ومعناه، وقد سبقت قصتهم في سورة الأحقاف. | ||
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان | سورة الجن | 2 |
((يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ))، أي يدل على الهدى الذي من سلكه رشد، ((فَآمَنَّا)) نحن الجن ((بِهِ))، أي بذلك القرآن، ((وَلَن نُّشْرِكَ)) بعد سماع القرآن((بِرَبِّنَا أَحَدًا))، أي لم <لن؟؟> نجعل له شريكاً. | ||
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان | سورة الجن | 3 |
((وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا))، "الجد" هو الحظ، والمراد به هنا العظمة، أي تعالت وارتفعت عظمته من أن يكون له شريك أو زوجة أو أولاد، ((مَا اتَّخَذَ))، أي لم يتخذ الله سبحانه ((صَاحِبَةً))، أي زوجة ((وَلَا وَلَدًا))، فقد كان بعض الكفار يقولون أنه سبحانه اتخذ زوجة من الجن، كما قال سبحانه: (وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا)، فنفت الجن هذا الكلام. | ||
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان | سورة الجن | 4 |
((وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا))، أي جاهلنا، والمراد به جنس الجهال منهم، ((عَلَى اللَّهِ شَطَطًا))، أي كذباً وبعداً عن الحق، وكان <وكأن؟؟> المراد بذلك ما شاع بينهم من أنه تزوج بالجنية، أو المراد "بسفيه منا" - إبليس لأنه من الجن - والمراد أقواله حول الله سبحانه من نسبة الشريك إليه وما أشبه. | ||
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان | سورة الجن | 5 |
((وَأَنَّا)) ظهر لنا الآن كذب ذلك السفيه بعدما كنا ((ظَنَنَّا أَن لَّن تَقُولَ الْإِنسُ وَالْجِنُّ)) -الإتيان بالفعل مؤنثاً باعتبار الجماعة - ((عَلَى اللَّهِ كَذِبًا))، فقد كنا نحسب أن ما يقولون من أن له سبحانه صاحبة وشريكاً وولداً صدق، والآن تبين لنا كذبه. | ||
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان | سورة الجن | 6 |
((وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ))، أي يعتصمون ويستجيرون، وكان الرجل من العرب إذا نزل الوادي في سفره ليلاً قال: "أعوذ بعزيز هذا الوادي من شر سفهاء قومه،" وقد روي عن الإمام الباقر (عليه السلام) أنه قال في هذه الآية: "كان الرجل ينطلق إلى الكاهن الذي يوحي إليه الشيطان فيقول: 'قل لشيطانك فلان قد عاذ بك.'" ((فَزَادُوهُمْ))، أي زاد الجن الإنس العائذين بهم ((رَهَقًا))، أي طغياناً حيث أنهم رأوا الجن ظهيراً لهم، أو زاد الإنس الجن طغياناً حيث أنهم ظنوا أن لهم مدخلاً في الأمور الكونية حتى استعاذ بهم الإنس، وأصل الرهق اللحوق، ومنه غلام مراهق، فكان الإثم والطغيان يلحق الإنسان، ولذا قيل له رهق. | ||
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان | سورة الجن | 7 |
((وَأَنَّهُمْ))، أي الإنس ((ظَنُّوا كَمَا ظَنَنتُمْ)) أنتم معاشر الجن ((أَن لَّن يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَدًا)) رسولاً، وهذا من تتمة كلام الجن الذين آمنوا بالرسول. | ||
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان | سورة الجن | 8 |
((وَأَنَّا)) معاشر الجن ((لَمَسْنَا السَّمَاء))، أي مسسناها بإرادة الصعود في طبقات الجو ((فَوَجَدْنَاهَا))، أي ألفينا السماء ((مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا))، أي حفظة من الملائكة شداداً، و"حرس" جمع حارس، وهو الحافظ، وشديد باعتبار كل واحد من الحفظة، ((وَشُهُبًا)) جمع شهاب، وهو نور يمتد في السماء حتى يطفأ، أنها هيئت لرجم من يريد استراق السمع من الشياطين. | ||
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان | سورة الجن | 9 |
((وَأَنَّا)) معاشر الجن ((كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا))، أي من السماء ((مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ))، أي محلات قريبة من مراكز الملائكة لنستمع ما يدار بينهم من أخبار الأرض لنعلم الأخبار ونأتي بها إلى الكهنة، وهذا إلى قبل ميلاد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) أو بعثته، ((فَمَن يَسْتَمِعِ الْآنَ)) منا إلى كلام الملائكة ((يَجِدْ لَهُ))، أي لنفسه ((شِهَابًا رَّصَدًا)) يرمي به ويرصد له، ففي النجوم عين مواضع لحراسة السماء من الأجنة والشياطين، فمن يتقدم منهم ليسترق الكلام قذف بالشهاب حتى يحترق أو يطرد، وقد روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال - في حديث يذكر فيه سبب إخبار الكاهن: "وأما أخبار السماء فإن الشياطين كانت تقعد مقاعد استراق السمع إذ ذاك، وهي لا تحجب ولا ترجم بالنجوم، وإنما منعت من استراق السمع لئلا يقع في الأرض سبب يشاكل الوحي من خبر السماء، ويلبس على أهل الأرض ما جاءهم من الله لإثبات الحجة ونفي الشبهة، وكان الشيطان يسترق الكلمة الواحدة من خبر السماء بما حدث من الله في خلقه، فتختطفها <فيختطفها؟؟> ثم يهبط بها إلى الأرض، فيقذفها إلى الكاهن، فإذا قد زاد كلمات من عنده يختلط الحق بالباطل، فما أصاب الكاهن من خبر مما كان يخبر به فهو ما أداه إليه شيطانه مما سمعه، وما أخطأ فيه فهو من باطل ما زاد فيه، فمذ منعت الشياطين من استراق السمع انقطعت الكهانة." | ||
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان | سورة الجن | 10 |
((وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَن فِي الْأَرْضِ)) حيث يرجم الشياطين حتى تقطع الأخبار عن أهل الأرض بعذابهم فيفاجأون بالعذاب، ((أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا)) بأن يبعث فيهم نبياً؟ والحاصل أن رجم الشيطان لأحد أمرين: إما لشر أو لخير. وهذا يؤيد كون المراد من الرجم وقت ولادة الرسول، وأن هذا الكلام من الجن حكاية حال ماضية، وإلا فقد عرفوا النبأ بعد قترة <فترة؟؟> وخصوصاً عند وصولهم إلى خدمة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم). | ||
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان | سورة الجن | 11 |
((وَأَنَّا)) معاشر الجن ((مِنَّا))، أي بعضنا ((الصَّالِحُونَ)) بالإيمان والعمل الصالح، ((وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ)) الصلاح، وإنما عبر بهذا التعبير ليشمل الفرق المختلفة، ((كُنَّا)) في السابق ((طَرَائِقَ قِدَدًا))، أي على طرائق مختلفة، و"قدد" جمع قدة وهي القطعة، كان لكل مذهب لونا مختلفاً، فهم قطعة مخالفة لقطعة أخرى، وكأن هذه التفصيلات المنقولة من كلام الجن لبيان حقيقتهم وتوضيح ما يرتبط بهم من مزايا والأحوال. |
مصطفي صلاحالسبت 03 أغسطس 2013, 5:19 pm