الأمثال في القرءان الكريم
ذكر أبو منصور الثعالبي أمثالا للعرب والعجم والعامة وما يماثلها من كتاب الله تعالى مما هو أجلّ منها وأعلى: قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "القتل أنفى للقتل"، وفي القرءان الكريم قوله تعالى: {ولكم في القِصاص حياة يا أولي الألباب} (سورة البقرة ءاية 179).
والعرب تقول لمن يُعيّر غيره بما فيه: [عيَّر بُجيْر بَجَرَة ونسي بُجيْر خَبَرَه] وفي القرءان الكريم قوله تعالى: {وضرب لنا مثلا ونسي خلقه} (سورة يس ءاية 78).
وفي معاودة العقوبة عند معاودة الذنب: [إن عادت العقرب عُدنا لها]، وفي القرءان الكريم: {وإنْ عُدتم عُدنا} (سورة الإسراء ءاية {وإنْ تعودوا نعُد} (سورة الأنفال ءاية 19).
وفي ذوق الجاني وبال أمره: [يداكَ أوْكتا، وفوكَ نفَخ]، وفي القرءان الكريم قوله تعالى: {ذلك بما قدّمت يداك} (سورة الحج ءاية 10).
أمثال
من أمثال العرب قولهم: [مقتل الرجل بين فكيّه]. والمعنى أنّ اللسان قد يكون سببًا في قتل الإنسان. قال الميداني في ((مجمع الأمثال)) إنه يجوز أن يُفسّر المقتل ههنا على معنى المصدر أي على معنى: قتل الجرلين بين فكّيه، لأانه السبب في القتل فيجوز أن يُسمّى قتلا.
ويجوز أن يُفسّر أيضًا على معنى الظرف أي موضع القتل. وعلى معنى القاتل أيضًا: لأن المصدر قد ينوب عن الفاعل، كأنه قال: قاتل الرجل بين كفيّه، وذلك كقولك: شاهد عِيانٌ، فـ (عيان) ههنا مصدر على معنى: معاينٌ.
قال المفضّل الضبي: أول من قال ذلك أكثمُ بن صيفي في وصيّة لبنيه، وكان قد جمعهم وقال لهم: "تباروا فإن البِّر يبقى عليه العدد، وكُفُّوا ألسنتكم فإن مقتل الرجل بين فكّيه، إن قول الق لم يدع لي صديقًا...".
ومن الأمثال: [إنما أكلتُ يوم أكلِ الثور الأبيض] وتفسير ذلك ما حكاه الميداني في ((مجمع الأمثال)) عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: إنما مثلي ومثل عثمان رضي الله عنه كمثل أثوارٍ ثلاثة كنّ في أجَمة أبيض وأسود وأحمر ومعهن فيها أسد، فكان لا يقدر عليهن لاجتماعهن عليه، فقال للثور الأسود والأحمر: لا يدل علينا في أجمتنا إلا الثور الأبيض، فإن لونه مشهور ولوني على لونكما فلو تركتماني ءاكله، فقالا: دونك فكُله، فأكله، ثم قال للأحمر: لوني على لونك فدعني ءاكل الأسود لتصفو لنا الأجمة، فقال: دونك فكُله، فأكله، ثم قال للأحمر: إنني ءاكلك لا محالة، فقال الثور الأحمر: دعني أنادي ثلاثًا، فقال:
افعل، فنادى: ألا إني أُكلت يوم أُكل الثور الأبيض. ثم قال علي رضي الله عنه: ألا إني وَهَنْتُ يوم قُتل عثمان. ويُضرب هذا المثل بالرجل الذي يُرْزَأ بفقد أخيه الذي يناصره ويؤازره.
قالوا في الرجل اذلي يفعل ما لا فائدة فيه ولا حكمة: هو كمُستبضع التمر إلى هَجَر، أي كالذي يأخذ التمر ليبيعه في هَجَر، وهَجَر هي ناحية في الجزيرة العربية هي معدن التمر.
ويقال أيضًا: كمُستبضع التمر إلى خيبر، قال النابغة الجعدي:
وإن امرئ أهدى إليك قصيدة *** كمُستبضع تمر إلى ارض خيبرا
وخيبر مشهورة بكثرة التمر فيها.
ومن الأمثال [كما تدين تُدان] أي كما تُجازي تُجازى.
أي كما تعمل تُجازى، أي إن عملت عملا حسنًا فجزاؤك جزاء حسن، وإن عملت عملا سيئًا فجزاؤك جزاء سيء، وقال الميداني في ((مجمع الأمثال)): "ويجوز أن يُجرى كلامهما على الجزاء، أي كما تُجازي أنت الناس على صنيعهم كذلك تُجازى على صنيعك".
ومن الأمثال: [أكدح لي أكدح لك] والكدح هو السعي، قال الله تعالى: {إنك كادحٌ إلى ربِّك كدحًا فَمُلاقِيْه} (سورة الانشقاق/6) أي ساعٍ.
مما يُتمثّل به مما فيه ذكر المطر والسحاب قولهم: [هو ابرد من غبّ المطر]، وأرقُّ من دمع الغمام، هو أسرع من السيل إلى الحدور].
ومن أنصاف الأبيات:
-هل يُرتجي مطر بغير سحاب
- وأولُّ الغيثِ طلٌّ ثم ينسكب
- سال به السيلُ وما يدري به
_ ومن يسُدُّ طريق العارضِ الهَطِل
ومما يُتمثل به مما فيه ذكر الهواء قولهم: [هو أخفُّ من الريح، وقيل للشخصين المتفقين المتصافيين: ريحهما جنوب. وقيل للرجل الحليم: هو ساكن الريح، وغذا قامت دولة فلان قالوا: قد هبَّت ريحُه].
ومن أنصاف الأبيات التي ذهبت مثلا:
- إن كنتَ ريحًا فقد لاقيتض إعصارًا
- وبعض القول يذهب بالريّاح
- تجري الرياح بما لا تشتهي السُفن.
قالوا فيمن يُتعب نفسه فيما ينتفع به غيره: [هو كدودة القزّ] فهي تنسج القزّ وربما تموت وهي تصنعه، فيأتي الإنسان ويأخذه ليصنع منه الثياب، وفي هذا المعنى قال أبو الفتح البُستي:
ألم ترَ أنّ المرء طولَ حياته *** مُعنًّى بأمرٍ لا يزال يُعالجه
كدودٍ غدا للقزّ ينسج دائبًا *** ويهلك غمًا وسط ما هو ناسِجُه
من أمثال العرب [كفى قومًا بصاحبهم خبيرًا] والمعنى أنّ أعلم الناس بالرجل صاحبه الذي يلازمه ويخالطه. وروى الكِائي المثل بقول: "كفى قومٌ" بالرفع، وقال المرزوقي: كان من حقه أن يقول : "كفى بقومٍ" ووضع ((خبيرًا)) موضع ((خبراء)) بالجمع كقوله تعالى: {وحسُن أولئك رفِيقًا} أي رُفقاء. وقال غيره: فاعل ((كفى)) محذوف، لأن التقدير: [كفى قومًا عِلمُهم خبيرًا بصاحبهم]، أي اكتفى قومٌ بعلمهم خبراء بمن يصحبهم.