لاحظ العلماء أن البلغار والأذربيجانيون وسائر قبائل جبال القوقاز يتميزون بأعمار طويلة وايضا صحة طيبة دائمة ، وقوة جسدية مدهشة . وأرجع العلماء هذه الظاهرة الى عادتهم في تناول الز بادي والألبان المحمضة والمخمرة كغذاء تقليدي . وأرجع العالم "متخنيكوف" الحاصل الى جائزة نوبل عام 1908 عن أعماله في مجال المناعة السبب في تكون الز بادي الى ميكروب صغير تمكن من عزله من اللبن الز بادي هو " لاكتوباسيلس بولجاريكس" نسبة الى بلغاريا . وفي اللغة البلغارية القديمة فان كلمة "يوغورت" وهي المستعملة في الانجليزية لوصف "الز بادي" تغني اللبن الغليظ القوام ، ولكن كلمة "ز بادي" في اللغة الأشورية القديمة هي " لبنه" وهي كلمة لا تزال تستعمل حتى الآن لوصف الز بادي كثيف الدسم في بلاد الشام والكلمة تعني في اللغة الأشورية "الحياة " . وبين القرنين الرابع والسادس قبل الميلاد اعتاد صانعو الز بادي أن يضعوه في قرب مصنوعة من جلود الخراف ، وكانوا يحملونها حول وسطهم . ويبدو أن حرارة الأجساد والميكروبات العالقة بجلود الخراف كانت تؤدي الى تخثر اللبن وتحوله الز بادي . ويعتقد بعض العلماء ان المحاولات السابقة علىصنع الز بادي انتجت مشروب لبن متخمر يدعي "كوميس" ، وكان يصنع من لبن الفرس بواسطة أسلاف البلغار وهم قبيلة انتقلت من أسيا الى البلقان في عام 681 قبل الميلاد . وتقول الحكايات التاريخية أن "جنكيز خان" ملك المغول أعطي أوامره العسكرية لجنوده أن يحملوا معهم الز بادي في ميادين القتال ، وأن يتناولوه كجزء أساسي من طعامهم اليومي لكي يتمتعوا بالصحة والقوة . وبعد غزوهم لأوربا اعتقد الأوربيون أن اللبن الز بادي هو الذي جعل المغول اقوياء، ومن ثم بدأوا في تناوله يوميا هم أيضا . وهكذا أصبح الز بادي غذاء مشهورا في القرن الرابع عشر . ويحكي تاريخ "بوذا" أنه كان صائما لفترة طويلة عندما فقد الوعي وقارب على الموت ، ثم جاءته سيدة وقدمت اليه وعاء به ز بادي ، وعندما تناوله استعاد وعيه . وتذكر الكتب البوذية المقدسة أن اللبن الز بادي يمثل أعلى قيمة غذائية يمكن الحصول عليها من تخمر لبن البقر . وهكذا اعتبرت البوذية لبن الز بادي أحسن دواء لكل الأمراض . أصبح اللبن الز بادي معروفا في العصور السالفة كجزء من الطعام اليومي يتم تناوله غالبا لقيمته العلاجية . ولكن في العصور الحديثة كان الز بادي غير معروفا حتي أوائل القرن العشرين عندما بدأت الدراسات الحديثة عن الز بادي تظهر الى السطح كاشفة عن تأثيراته العلاجية لكثير من الأمراض وفوائده الصحية العديدة
الباكتيريا المفيدة تمنع السرطان
يحتوى الز بادي على باكتيريا تسمي "لاكتوباسيلس أسيدوفيلس" وهي التي تؤدي الى تخمر اللبن ، وتحتوي على انزيم "اللاكتيز" الهاضم لسكر اللاكتوز الموجود في اللبن ، وهذا الانزيم يفقده 85 % من البشر الناضجين وبالذات في الشعوب غير القوقازية(البيضاء) مثل العرب والأفارقة ، بعدما كان موجودا في جهازهم الهضمي وهم أطفال ، والى نقصه يعزى صعوبة هضم اللبن وتسببه في اضطرابات الأمعاء وسوء الهضم والانتفاخ . وبواسطة هذه الباكتيريا المفيدة يتم هضم سكر اللاكتوز مما يخلص اللبن من واحد من أهم صعوبات هضمه وامتصاصه .وهذه الباكتيريا مفيدة للأمعاء من حيث تثبيطها لميكروبات الأمعاء المسببة للأمراض ومنها الميكروبات العنقودية والسالمونيلا وغيرها ، وطريقها الى ذلك هو تكوين المستعمرات وانتاج الأحماض العضوية والمواد المضادة للباكتيريا. وأظهرت دراسات أجريت على حيوانات التجارب أن البكتيريا المفيدة الموجودة في الز بادي لها قدرة على تثبيط تكون الأورام وبعض الانزيمات الضارة التي تنتجها الميكروبات المرضية والتي يمكن أن تزيد من تأثير المواد المسببة للسرطان ، وهكذا فانها تقلل من مخاطر الاصابة بسرطان الأمعاء . كما أثبتت البحوث العلمية أن ميكروبات الز بادي المفيدة يمكن أن تقلل من الأعراض الجانبية لتعاطي المضادات الحيوية مثل الاسهال والالتهابات الطفيلية نتيجة تدمير طبقة البكتيريا المفيدة في الأمعاء . والبكتيريا المفيدة في الز بادي يمكنها تجديد طبقة البكتيريا المفيدة في الأمعاء بسرعة . وأظهرت التجارب على الحيوان وفي أنابيت الاختبار أن بكتيريا الز بادي يمكن أن تقلل من مستويات الكوليسترول في الدم ، ولكن التجارب على البشر مازالت مستمرة لاثبات نفس التأثير على الانسان . وأثبتت التجارب المعملية أيضا أن البكتيريا المفيدة في الز بادي تؤدي الى زيادة نشاط الجهاز المناعي عن طريق زيادة الخلايا المسئولة عن تكسير الجزيئات الخاملة في الجسم .
الز بادي يحرق دهون الجسم
ولكن الرائع والمثير والجميل في قصة اللبن الز بادي هي تلك الاكتشافات التي أثبتت أنه يمكن أن يزيد من حرق دهون الجسم . والحكاية ليست في سعراته بل في خصائص أخرى أثبتتها الدراسات العلمية . فقد ثبت أن الز بادي يمكن أن يغير من قدرة الجسم على حرق الدهون ، مما يجعله يفقد الدهون ويحتفظ بالعضلات . وهذه الدراسة الحديثة التي قدمها طبيب يدعى "مايكل زيميل" وهو أستاذ للتغذية في جامعة تينيسي وجدت أن الأفراد الذي تناولوا الز بادي خالي الدسم قد فقدوا أوزانا أكبر بكثير مما فقده آخرون كانوا يتبعون حمية قليلة السعرات فقط . وفقد آكلو الز بادي 22 % من أوزانهم و 61 % من دهون الجسم الاجمالية ، و 81 % من الدهون الموجودة في منطقة البطن أكثر من المجموعة التي لم تتناول الز بادي واكتفت بحمية قليلة السعرات ، وذلك في فترة 12 اسبوعا . ويعتبر فقد الدهون من منطقة البطن شيء طيب للغاية حيث أن أخطر أنواع زيادة الوزن هي تلك التي يتجمع فيها الدهن في هذه المنطقة ، والتي يشبه فيها الجسم شكل التفاحة ، وفيها تزيد نسبة الاصابة بأمراض القلب والسكر والسكتة الدماغية وبعض أنواع السرطان . وساعد أكل الز بادي الغني بالكالسيوم الى فقد أكثر من بوصة في مقاس الوسط بالمقارنة بمن لم يتناولوا الز بادي ، حيث يعتبر الباحثون أن نسبة الكالسيوم في الغذاء هي التي تحفز الجسم لحرق مزيد من الدهون وعدم تكون كميات جديدة منه في الجسم . ويعتقد الباحثون أن الغذاء القليل في الكالسيوم يزيد من انتاج انزيمات منتجة للدهون ، ويقلل من نشاط الانزيمات التي تكسر الدهون ، والنتيجة خلايا دهنية أكبر وأكثر دهونا . ومن هنا جاءت نصيحة الباحثين بتناول الز بادي خالي الدسم والغني بالكالسيوم والذي يحتوي على 100 سعر حراري فقط في الكوب المحتوي على 180 جراما ، وذلك ثلاث مرات يوميا . وهذا الز بادي الغني بالكاليسوم يحافظ على كثافة العظام ، والكتلية العضلية ، كما يزيد من فقد الدهون . وأثبتت دراسات أخرى حديثة أن هذا المعدل من تناول الز بادي يوميا يقلل من خطر الاصابة بسرطان القولون ، وهو يسبب ثالث أعلى نسبة وفاة من السرطان في الولايات المتحدة .
دهون وبروتينات اللبن تعالج الكوليسترول وضغط الدم
ويجد الز بادي كامل الدسم من يدافع عنه أيضا ، حيث أن بعض العلماء وجدوا أن الأحماض الدهنية الموجودة في منتجات الألبان هي في الواقع متعادلة من ناحية محتواها الكوليسترولي بل وأيضا هي خافضة للكوليسترول. كما تم اثبات أن بروتينات الألبان لها قدرة مؤكدة على تحسن صحة الأسنان والحفاظ عليها من التسوس وأيضا كثافة العظام . وأظهرت دراسات أخرى أن نوعا من بروتينات اللبن يستطيع خفض ضغط الدم العالي ، حتى أن اليابان أنتجت مركبا علاجيا يحتوي على هذا البروتين أثبت فاعليته في خفض ضغط الدم العالي . ويقول الباحثون أن اللبن يحتوي على أكثر من 400 حمضا دهنيا ، وكثيرا من هذه الأحماض الدهنية لها القدرة على الحماية من أمراض مزمنة خطيرة مثل السرطان وأمراض القلب والجهاز الدوري . فقد أظهرت الدراسات أن هناك علاقة بين تناول هذه الأحماض الدهنية وانخفاض معدل الاصابة بسرطان الثدي في السيدات في سن توقف التبويض . وتظهر الدراسات أن جبن الشيدر واللبن الز بادي متشابهان في قدراتهما العلاجية غذائيا . والبكتريا المفيدة الموجودة في الز بادي تنتج أيضا عديدا من الفيتامينات مثل فيتامين ب 1 ، ب 2 ، ب 3 ، ب 5 ، ب 6 ، ب 12 ، فيتامين أ ، ك ، وهي فيتامينات ضرورية للحياة . عديد من الفوائد الصحية الهامة موجود في هذا الغذاء الخفيف اللذيذ ، وما خفي أعظم ، حتى أن العلماء باتوا يعتقدون أنه غذاء المستقبل ، فهذا الز بادي .. القديم.. الحديث المليء بالأسرار .. يثبت صحة مقولة أبوقراط طبييب الاغريق العظيم :" اجعل طعامك هو دواؤك ، ودواء