طهارة القلب أساس كل خيرٍ، وكل برّ، وكل معروفٍ، وكل فتحٍ ينزل على المرء من الله، لأن الله عندما يطلع علينا أثناء الأعمال لا يطلع على الظاهر فقط، ولكن يطلع على ما فى البواطن، قال صلى الله عليه وسلم: {إِنَّ اللَّهَ لا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ، - لأنه هو الذى صورها ـ ولا إلى أَمْوَالِكُمْ ، - لأنه هو الذى أعطاها - وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ}{1}
ومن هنا اهتم السادة الصالحون والعارفون والصوفية الصادقون بجلاء القلب وتطهيره، فإذا تمَّ جلاء القلب وتطهيره أصبح صاحبه متعرضاً لنفحات الله وفتح الله، وهذا مقام الإحسان؛ أحسن العمل، وجزاؤه أن يتنزل الله له في قلبه، إما بعلومٍ يقول فيها: {وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ} البقرة282
أو بنورٍ يضعه في القلب ينظر به المرء إلى غيره فيكشف الله له عما في حنايا صدورهم، كمن يقول فيه الله: {أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ} الأنعام122
أو يجعل الله قلبه موضعاً لتنزل الحكمة: {يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً} البقرة269
فيصبح حكيماً فيما يصدر عنه من أقوال، وحكيماً فيما يفعله من أفعال، لأن الله أيده بحكمته وجعل قلبه خزانة لأنوار حكمته عز وجل، أو يكاشفه الله من نور ملكوته الأعلى، قال صلى الله عليه وسلم لرجلٍ من أصحابه يُدعى حارثة رضي الله عنه: {كَيْفَ أَصْبَحْتَ يَا حَارِثُ؟، فَقَالَ: أَصْبَحْتُ مُؤْمِنًا حَقًّا، فَقَالَ: انْظُرْ مَا تَقُولُ، فَإِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ حَقِيقَةً فَمَا حَقِيقَةُ إِيمَانِكَ؟، قَالَ: قَدْ عَزَفَتْ نَفْسِي عَنِ الدُّنْيَا، وَأَسْهَرْتُ لِذَلِكَ لَيْلِي، وَأَظْمَأْتُ نَهَارِي، فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى عَرْشِ رَبِّي بَارِزًا، وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى أَهْلِ الْجَنَّةِ يَتَزَاوَرُونَ فِيهَا، وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى أَهْلِ النَّارِ يَتَضَاغَوْنَ فِيهَا، فَقَالَ: يَا حَارِثُ، قَدْ عَرَفْتَ فَالْزَمْ. ثم قال لمن حوله: عبدٌ نوَّر الله بالإيمان قلبه}2}
إذاً التصوف يصل إلى تصفية القلوب وجلاؤها لكي تكون صالحة لمواهب حضرة علام الغيوب عز وجل، وهذا يقتضى أمرين: علمٌ وعملٌ، لابد وأن يتعلم أولاً الأحكام الشرعية التي بها يُحسن العبادة لربِّ البرية، ويتعلم الأحكام الشرعية التي يتعامل بها مع الخلق، ويلتزم بها طلباً لمرضاة الحق، فإذا عمل بما علم دخل في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: {مَنْ عَمِلَ بِمَا عَلِمَ وَرَّثَهُ اللَّهُ عِلْمَ مَا لَمْ يَعْلَمْ}{3}
فمن ادَّعى التصوف ولم يطلب العلم أو يتعلم، فهذه دعوى زائفة، ومن ادَّعى التصوف ولم يقم عاملاً بكل ما جاء عن الله من شرع الله فهذه دعوى كاذبة يطلب بها الظهور بين خلق الله. لكن التصوف علمٌ وعمل، وصفاءٌ ونقاء، وحُسن خلقٍ مع جميع الخلق، يجعل المرء يتعرض لما لا نستطيع عدَّه من فتح الله وكمالات الله، وأنوار الله وفيوضات الله، التي يفيضها على قلوب الصالحين من عباد الله.
ومن هنا اهتم السادة الصالحون والعارفون والصوفية الصادقون بجلاء القلب وتطهيره، فإذا تمَّ جلاء القلب وتطهيره أصبح صاحبه متعرضاً لنفحات الله وفتح الله، وهذا مقام الإحسان؛ أحسن العمل، وجزاؤه أن يتنزل الله له في قلبه، إما بعلومٍ يقول فيها: {وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ} البقرة282
أو بنورٍ يضعه في القلب ينظر به المرء إلى غيره فيكشف الله له عما في حنايا صدورهم، كمن يقول فيه الله: {أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ} الأنعام122
أو يجعل الله قلبه موضعاً لتنزل الحكمة: {يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً} البقرة269
فيصبح حكيماً فيما يصدر عنه من أقوال، وحكيماً فيما يفعله من أفعال، لأن الله أيده بحكمته وجعل قلبه خزانة لأنوار حكمته عز وجل، أو يكاشفه الله من نور ملكوته الأعلى، قال صلى الله عليه وسلم لرجلٍ من أصحابه يُدعى حارثة رضي الله عنه: {كَيْفَ أَصْبَحْتَ يَا حَارِثُ؟، فَقَالَ: أَصْبَحْتُ مُؤْمِنًا حَقًّا، فَقَالَ: انْظُرْ مَا تَقُولُ، فَإِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ حَقِيقَةً فَمَا حَقِيقَةُ إِيمَانِكَ؟، قَالَ: قَدْ عَزَفَتْ نَفْسِي عَنِ الدُّنْيَا، وَأَسْهَرْتُ لِذَلِكَ لَيْلِي، وَأَظْمَأْتُ نَهَارِي، فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى عَرْشِ رَبِّي بَارِزًا، وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى أَهْلِ الْجَنَّةِ يَتَزَاوَرُونَ فِيهَا، وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى أَهْلِ النَّارِ يَتَضَاغَوْنَ فِيهَا، فَقَالَ: يَا حَارِثُ، قَدْ عَرَفْتَ فَالْزَمْ. ثم قال لمن حوله: عبدٌ نوَّر الله بالإيمان قلبه}2}
إذاً التصوف يصل إلى تصفية القلوب وجلاؤها لكي تكون صالحة لمواهب حضرة علام الغيوب عز وجل، وهذا يقتضى أمرين: علمٌ وعملٌ، لابد وأن يتعلم أولاً الأحكام الشرعية التي بها يُحسن العبادة لربِّ البرية، ويتعلم الأحكام الشرعية التي يتعامل بها مع الخلق، ويلتزم بها طلباً لمرضاة الحق، فإذا عمل بما علم دخل في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: {مَنْ عَمِلَ بِمَا عَلِمَ وَرَّثَهُ اللَّهُ عِلْمَ مَا لَمْ يَعْلَمْ}{3}
فمن ادَّعى التصوف ولم يطلب العلم أو يتعلم، فهذه دعوى زائفة، ومن ادَّعى التصوف ولم يقم عاملاً بكل ما جاء عن الله من شرع الله فهذه دعوى كاذبة يطلب بها الظهور بين خلق الله. لكن التصوف علمٌ وعمل، وصفاءٌ ونقاء، وحُسن خلقٍ مع جميع الخلق، يجعل المرء يتعرض لما لا نستطيع عدَّه من فتح الله وكمالات الله، وأنوار الله وفيوضات الله، التي يفيضها على قلوب الصالحين من عباد الله.
{1} أخرجه مسلم وابن ماجه وأحمد وأبو نعيم في (الحلية) والبيهقي في (الأسماء و الصفات)
{2} رواه البزار والبيهقي عن أنس رضي الله عنه، وابن حبان عن أبي هريرة رضي الله عنه
{3} أخرجه أبو نعيم في الحلية وذكره أحمد عن أنس رضي الله عنه
http://www.fawzyabuzeid.com/%D9%83%D8%AA%D8%A8
منقول من كتاب {مجالس تزكية النفوس} لفضيلة الشيخ فوزي محمد أبوزيد
اضغط هنا لقراءة أو تحميل الكتاب مجاناً
momenatteaالسبت 12 ديسمبر 2015, 11:41 pm