موجز في أحكام الصيام وثبوت هلال رمضان
الحمد لله حمدًا كما أمر منذرًا من جحد به وكفر والصلاة والسلام على فخرربيعة ومضر وعلى ءاله وأصحابه الطيبين الطاهرين.
يقول الله تبارك وتعالى في محكم التنزيل {يا ايها الذين ءامنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون} (سورة البقرة)
إن صيام شهر رمضان المبارك عبادة عظيمة خصّها الله بخصائص منها ما ورد في الحديث القدسي الذي أخرجه البخاري: قال الله تعالى: كلّ حسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلا الصيام فإنه لي وأنا اجزي به.
صيام رمضان وجوبه معلوم من الدين بالضرورة فمن انكر فرضيته فهو كافر إلا أن يكون قريب عهد بالإسلام أو نشأ في بادية بعيدة عن العلماء أما من أفطر في رمضان لغير عذرٍ شرعي وهو يعتقد وجوبه فلا يكفر بل يكون عاصيًا وعليه قضاء الأيام التي أفطر فيها ثم إنّ من الأمور المهمة التي ينبغي بيانها أن الشهور العربية لا تثبت أوائلها إلا برؤية الهلال أو بإكمال الشهر ثلاثين يومًأ في حال تعذر رؤية الهلال، وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: "نحن أمة أميّة لا نكتُبُ ولا نحسُبُ الشهر هكذا وهكذا" رواه البخاري.
فلا عبرة بكلام المنجمين والحسّاب لثبوت الصيام إنما العبرة بكلام سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو القائل: "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غُمّ عليكم فأكملوا عدّة شعبان ثلاثين يومًا"
أما فرائض الصيام فهي اثنتان: النية، والإمساك عن المفطرات.
والنية محلها القلب يعني لا يُشترط النطق بها باللسان ويجب تبييتها أي إيقاعها ليلا قبل الفجر لكل يوم مع تعيين أنه من رمضان أي لمجرد أنك تيقنت من دخول المغرب فنويت صيام اليوم الثاني صحت هذه النية ثم تعاطي المفطرات بعد المغرب وقبل طلوع الفجر من اكل وشرب وجماع وغير ذلك هذا كله لا يؤثر في هذه النية.
ويجب الإمساك عن المفطرات عن الأكل والشرب وعن إدخال كل ما له حجم ولو صغيرًا إلى الرأس أو البطن ونحوهما من منفذ مفتوح كالفم والأنف ولو كان ذلك أجزاءً صغيرة (كدخان السيجارة) لمن يتعاطاها والقُبل والدُبر يعني ان استعمل الحقنة في الدبر أفطر، ويمسك عن هذا كله من الفجر إلى المغرب، ومن أكل أو شرب ناسيًا ولو كثيرًا لم يفطر ولو في صيام النفل في صيام التطوع.
ففي الحديث الصحيح: "من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه" ومن المفطرات الاستمناء وهو إخراج المني بنحو اليد، ومن المفطرات أيضًا الاستقاءة فمن اخرج القيء بطلب منه بنحو إدخال إصبعه في فمه فإنه يفطر، ومن المفطرات الجماع في نهار رمضان فمن فعل ذلك مع العلم والعمد والاختيار أفطر أي إن كان عالمًا بالحكم غير ناسِ وغير مكره أفطر.
ومما يفسد الصيام أيضًا الردة أي الكفر بعد الإسلام سواء كان هذا الكفر بالقول كسبّ الله أو الفعل كالدوس على المصحف أو الاعتقاد كاعتقاد أن الله جسم يشبه المخلوقات فهذا لا صيام له لأن العبادة لا تصح من كافر، نعم إخوة الإيمان ليس بمسلم من شبّه الله بخلقه لأن الله لا يُشبه أحدًا من خلقه فمن صدر منه شيء أخرجه عن دين الله لا يعود إلى الإسلام إلا بالنطق بالشهادتين "أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله".
اللهم لا تجعل مصيبتنا في ديننا يا رب العالمين، اللهم إنا نسألك حبَّك وحبَّ من يُحبك والعمل الذي يبلّغنا حبك.
اللهم اجعل حبك أحب إلينا من أنفسنا وأهلنا والماء البارد وأعنّا على القيام والصيام وتعلّم وتعليم علم أهل السنة والجماعة بجاه سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام.